السؤال
كثير ما يشكل على الناس ، هل تجوز الاستخارة بالدعاء فقط أم لابد من الصلاة ركعتين قبل الدعاء ؟ وسبب هذا الإشكال ، ما جاء في حديث الاستخارة : ((فَليَركعْ رَكعتَيْنِ مِنْ غَيْرِ الفرِيضَةِ )) وهذا ما يجعلهم يعزفزن عن الإكثار([1]) من الاستخارة . لذا في هذا المقالة حاولت جمع شتات ، ونسأل المولى أن يتقبلها قبولا حسنا .
ومما يبين جواز الاستخارة بالدعاء دون صلاة :
1) كما هو معلوم أن الاستخارة مبنية على كثير من الأعمال القلبية ؛كالتوكل والنية الصادقة في طلب الخيرة والاعتقاد الجازم بأن الله سيختار له خير الأمرين ، وقد تقدم التطرق إلى ذلك في دروس سابقة([2]) ، والركعتان فيها تهيئة النفس حتى يستحضر القلب بدء العمل بمقتضى التوكل ولوازمه _كالحاج عندما يتهيأ للحج بالإحرام _ ولو كانت الركعتين شرطاً أو واجبة في الاستخارة ؛ للزم من ذلك عدم لزوم التوكل وغيرها من الأمور التي تقدم ذكرها ؛ لأنها ستكون حينها من لوازم الركعتين ، وليس لوازم الاستخارة ؛ لأنها لم ترد في حديث الاستخارة . فتقديم الركعتين هي كما قال ابن أبي جمرة :
(( الحكمة في تقديم الصلاة على الدعاء أن المراد بالاستخارة حصول الجمع بين خيري الدنيا والآخرة ، فيحتاج إلى قرع باب الملك ، ولا شيء لذلك أنجع ولا أنجح من الصلاة ، لما فيها من تعظيم الله ، والثناء عليه ، والافتقار إليه مآلا وحالا ))([3]) .
2) جاءت روايات أخرى عن عبد الله بن عمر وعبد الله بن مسعود - رضي الله عنهم - وذُكِر فيها الدعاء دون تقييد بالركعتين وهي بمجموع طرقها ترقى إلى الحسن ([4]) .
3) عندما توفي الرسول صلى الله عليه وسلم اختلف الصحابة رضوان الله عليهم في اللحد والشق وتكلموا في ذلك وارتفعت أصواتهم... قال أنس رضي الله عنه : وكان بالمدينة رجل يلحد وآخر يضرح ، فقالوا : نستخير ربنا ونبعث إليهما فأيهما سبق تركناه فأُرْسِل إليهما فسبق صاحب اللحد ، فلحدوا للنبي صلى الله عليه وسلم . ([5])
و يفهم من هذا الأثر أن الاستخارة كانت بالدعاء وقد يكون بالدعاء المعروف ، وقد يكون بطلب الخيرة .
4) كان الإمـام مالك بن أنـس : من تعظيمه لحديث الرسول - صلى الله عليه وسلم - إذا أراد أن يخرج يحدث توضأ ولبس أحسن ثيابه ومشط لحيته ، وفي ذات مرة اجتمع عليه من أهل الحجاز والشام والعراق ليحدثهم ، قال الحسن بن أبي الربيع كنا على باب مالك بن أنس فخرج مناد ، فنادى ليدخل أهل الحجاز فما دخل إلا أهل الحجاز ، ثم خرج فنادى : ليدخل أهل الشام فما دخل إلا أهل الشام ، ثم خرج فنادى ، ليدخل أهل العراق ، فكنا آخر من دخل وكان فينا حماد بن أبي حنيفة ، فلما دخل قال:( السلام: الله ) ، وإذا مالك جالس على الفرش والخدم قيام بأيديهم المقارع ، فأومأ الناس إليه بأيديهم اسكت ، فقال : ((ويحكم أفي الصلاة نحن فلا نتكلم ؟)) ، قال فسمعت مالكاً يقول: ((أستخير الله أستخير الله)) ثلاثاً ثم قال : (( أخبرني نافع عن ابن عمر )) فحدثنا عشرين حديثاً .([6])
و يفهم من هذا الأثر أن الاستخارة كانت بالدعاء .
5) قال الإمام النووي :
(( ولو تعذرت عليه الصلاة استخار بالدعاء )) ([7]) ، وتابع كلام الإمام النووي نقلا واستشهادا جماعة من علماء المذاهب ([8]) .
6) جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية ([9]) :
(( وَرَدَ فِي الاِسْتِخَارَةِ حَالاَتٌ ثَلاَثٌ:
الأْولَى:
وَهِيَ الأْوْفَقُ، وَاتَّفَقَتْ عَلَيْهَا الْمَذَاهِبُ الأَْرْبَعَةُ، تَكُونُ بِرَكْعَتَيْنِ مِنْ غَيْرِ الْفَرِيضَةِ بِنِيَّةِ الاِسْتِخَارَةِ، ثُمَّ يَكُونُ الدُّعَاءُ الْمَأْثُورُ بَعْدَهَا.
الثَّانِيَةُ:قَال بِهَا الْمَذَاهِبُ الثَّلاَثَةُ: الْحَنَفِيَّةُ، وَالْمَالِكِيَّةُ، وَالشَّافِعِيَّةُ، تَجُوزُ بِالدُّعَاءِ فَقَطْ مِنْ غَيْرِ صَلاَةٍ ([10])، إِذَا تَعَذَّرَتِ الاِسْتِخَارَةُ بِالصَّلاَةِ وَالدُّعَاءِ مَعًا.
الثَّالِثَةُ: وَلَمْ يُصَرِّحْ بِهَا غَيْرَ الْمَالِكِيَّةِ، وَالشَّافِعِيَّةِ، فَقَالُوا: تَجُوزُ بِالدُّعَاءِ عَقِبَ أَيِّ صَلاَةٍ كَانَتْ مَعَ نِيَّتِهَا، وَهُوَ
أَوْلَى، أَوْ بِغَيْرِ نِيَّتِهَا كَمَا فِي تَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ ([11]).
كثير ما يشكل على الناس ، هل تجوز الاستخارة بالدعاء فقط أم لابد من الصلاة ركعتين قبل الدعاء ؟ وسبب هذا الإشكال ، ما جاء في حديث الاستخارة : ((فَليَركعْ رَكعتَيْنِ مِنْ غَيْرِ الفرِيضَةِ )) وهذا ما يجعلهم يعزفزن عن الإكثار([1]) من الاستخارة . لذا في هذا المقالة حاولت جمع شتات ، ونسأل المولى أن يتقبلها قبولا حسنا .
ومما يبين جواز الاستخارة بالدعاء دون صلاة :
1) كما هو معلوم أن الاستخارة مبنية على كثير من الأعمال القلبية ؛كالتوكل والنية الصادقة في طلب الخيرة والاعتقاد الجازم بأن الله سيختار له خير الأمرين ، وقد تقدم التطرق إلى ذلك في دروس سابقة([2]) ، والركعتان فيها تهيئة النفس حتى يستحضر القلب بدء العمل بمقتضى التوكل ولوازمه _كالحاج عندما يتهيأ للحج بالإحرام _ ولو كانت الركعتين شرطاً أو واجبة في الاستخارة ؛ للزم من ذلك عدم لزوم التوكل وغيرها من الأمور التي تقدم ذكرها ؛ لأنها ستكون حينها من لوازم الركعتين ، وليس لوازم الاستخارة ؛ لأنها لم ترد في حديث الاستخارة . فتقديم الركعتين هي كما قال ابن أبي جمرة :
(( الحكمة في تقديم الصلاة على الدعاء أن المراد بالاستخارة حصول الجمع بين خيري الدنيا والآخرة ، فيحتاج إلى قرع باب الملك ، ولا شيء لذلك أنجع ولا أنجح من الصلاة ، لما فيها من تعظيم الله ، والثناء عليه ، والافتقار إليه مآلا وحالا ))([3]) .
2) جاءت روايات أخرى عن عبد الله بن عمر وعبد الله بن مسعود - رضي الله عنهم - وذُكِر فيها الدعاء دون تقييد بالركعتين وهي بمجموع طرقها ترقى إلى الحسن ([4]) .
3) عندما توفي الرسول صلى الله عليه وسلم اختلف الصحابة رضوان الله عليهم في اللحد والشق وتكلموا في ذلك وارتفعت أصواتهم... قال أنس رضي الله عنه : وكان بالمدينة رجل يلحد وآخر يضرح ، فقالوا : نستخير ربنا ونبعث إليهما فأيهما سبق تركناه فأُرْسِل إليهما فسبق صاحب اللحد ، فلحدوا للنبي صلى الله عليه وسلم . ([5])
و يفهم من هذا الأثر أن الاستخارة كانت بالدعاء وقد يكون بالدعاء المعروف ، وقد يكون بطلب الخيرة .
4) كان الإمـام مالك بن أنـس : من تعظيمه لحديث الرسول - صلى الله عليه وسلم - إذا أراد أن يخرج يحدث توضأ ولبس أحسن ثيابه ومشط لحيته ، وفي ذات مرة اجتمع عليه من أهل الحجاز والشام والعراق ليحدثهم ، قال الحسن بن أبي الربيع كنا على باب مالك بن أنس فخرج مناد ، فنادى ليدخل أهل الحجاز فما دخل إلا أهل الحجاز ، ثم خرج فنادى : ليدخل أهل الشام فما دخل إلا أهل الشام ، ثم خرج فنادى ، ليدخل أهل العراق ، فكنا آخر من دخل وكان فينا حماد بن أبي حنيفة ، فلما دخل قال:( السلام: الله ) ، وإذا مالك جالس على الفرش والخدم قيام بأيديهم المقارع ، فأومأ الناس إليه بأيديهم اسكت ، فقال : ((ويحكم أفي الصلاة نحن فلا نتكلم ؟)) ، قال فسمعت مالكاً يقول: ((أستخير الله أستخير الله)) ثلاثاً ثم قال : (( أخبرني نافع عن ابن عمر )) فحدثنا عشرين حديثاً .([6])
و يفهم من هذا الأثر أن الاستخارة كانت بالدعاء .
5) قال الإمام النووي :
(( ولو تعذرت عليه الصلاة استخار بالدعاء )) ([7]) ، وتابع كلام الإمام النووي نقلا واستشهادا جماعة من علماء المذاهب ([8]) .
6) جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية ([9]) :
(( وَرَدَ فِي الاِسْتِخَارَةِ حَالاَتٌ ثَلاَثٌ:
الأْولَى:
وَهِيَ الأْوْفَقُ، وَاتَّفَقَتْ عَلَيْهَا الْمَذَاهِبُ الأَْرْبَعَةُ، تَكُونُ بِرَكْعَتَيْنِ مِنْ غَيْرِ الْفَرِيضَةِ بِنِيَّةِ الاِسْتِخَارَةِ، ثُمَّ يَكُونُ الدُّعَاءُ الْمَأْثُورُ بَعْدَهَا.
الثَّانِيَةُ:قَال بِهَا الْمَذَاهِبُ الثَّلاَثَةُ: الْحَنَفِيَّةُ، وَالْمَالِكِيَّةُ، وَالشَّافِعِيَّةُ، تَجُوزُ بِالدُّعَاءِ فَقَطْ مِنْ غَيْرِ صَلاَةٍ ([10])، إِذَا تَعَذَّرَتِ الاِسْتِخَارَةُ بِالصَّلاَةِ وَالدُّعَاءِ مَعًا.
الثَّالِثَةُ: وَلَمْ يُصَرِّحْ بِهَا غَيْرَ الْمَالِكِيَّةِ، وَالشَّافِعِيَّةِ، فَقَالُوا: تَجُوزُ بِالدُّعَاءِ عَقِبَ أَيِّ صَلاَةٍ كَانَتْ مَعَ نِيَّتِهَا، وَهُوَ
أَوْلَى، أَوْ بِغَيْرِ نِيَّتِهَا كَمَا فِي تَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ ([11]).
الجواب
أَجَازَ الْقَائِلُونَ بِحُصُول الاِسْتِخَارَةِ بِالدُّعَاءِ فَقَطْ ، وُقُوعَ ذَلِكَ فِي أَيِّ وَقْتٍ مِنَ الأْوْقَاتِ؛ لأِنَّ الدُّعَاءَ غَيْرُ مَنْهِيٍّ عَنْهُ فِي جَمِيعِ الأْوْقَاتِ([12]).أَمَّا إِذَا كَانَتِ الاِسْتِخَارَةُ بِالصَّلاَةِ وَالدُّعَاءِ فَالْمَذَاهِبُ الأْرْبَعَةُ تَمْنَعُهَا فِي أَوْقَاتِ الْكَرَاهَةِ. نَصَّ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ صَرَاحَةً عَلَى الْمَنْعِ ([13])،
غَيْرَ أَنَّ الشَّافِعِيَّةَ أَبَاحُوهَا فِي الْحَرَمِ الْمَكِّيِّ فِي أَوْقَاتِ الْكَرَاهَةِ، قِيَاسًا عَلَى رَكْعَتَيِ الطَّوَافِ ([14]) . لِمَا رُوِيَ عَنْ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ: أَنَّ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: يَا بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ لاَ تَمْنَعُوا أَحَدًا طَافَ بِهَذَا الْبَيْتِ وَصَلَّى فِي أَيِّ سَاعَةٍ مِنْ لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ ([15]) . ووَأَمَّا الْحَنَفِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ ([16]) فَلِعُمُومِ الْمَنْعِ عِنْدَهُمْ. فَهُمْ يَمْنَعُونَ صَلاَةَ النَّفْل فِي أَوْقَاتِ الْكَرَاهَةِ، لِعُمُومِ أَحَادِيثِ النَّهْيِ .... )) انتهى .
للمزيد ادخل علي موقع صيد الفوائد هنا

0 commentaires:
إضغط هنا لإضافة تعليق
Enregistrer un commentaire
Blogger Widgets